"إن الدورة الدموية كانت جديدة ولم يسبق أن سمع بها أحد" .هذا هو وليم هارفي مكتشف الدورة الدموية. وهذا الإكتشاف يمثل لنا وقفة طويلة لابد منها, وذلك لأنه في عام 1921م ظهرت مخطوطة نادرة من أهم مؤلفات العالم المسلم( علاء الدين ابو الحسن بن حزم) المعروف ب" ابن النفيس" ..وهذه المخطوطة هي( شرح تشريح القانون) وقد اكتشفها الطبيب المصري محي الدين التطاوي في مكتبة برلين عام 1921م , وحققها ونال عليها درجة الدكتوراة, وكانت رسالته بعنوان "" ابن النفيس المكتشف الحقيقي للدورة الدموية"".. واكتشف التطاوي أن ابن النفيس هو أول من صحح أخطاء الأباء الإغريق مثل جالينوس والأباء العرب مثل ابن سينا, فقد أثبت ابن النفيس ان القلب يأخذ غذائه من الشريان التاجي وليس من الدم الذي في تجاويفه. وان التجاويف أربعة وليست ثلاثة كما كان يعتقد, كما أظهر أن الجدار الفاصل بين البطينين غير منفذ للدم, وبهذا يكون ابن النفيس هو أول من وصف الدورة الدموية الصغري.
وبهذا الإكتشاف البارع لهذا العالم البارع يكون ابن النفيس قد سبق كل من فيزاليوس وسيرفيتوس و كولومبو (القرن السادس عشر) , وقد نشر هؤلاء الثلاثة مؤلفآ عن الدورة الدموية بعد أن نشر طبيب ايطالي يدعي"الباجو" ترجمة لأجزاء كثيرة من شرح القانون لابن النفيس..
وجائت دائرة المعارف الأمريكية لتنكر فضل ابن النفيس ولم تذكر أي أثر له , فنسبت إلي فيزاليوس أنه أول من بدأ تشريح الجسم البشري, إلي أن جاء كتاب" العلم تاريخه وتطوره عبر حضارات العالم " لرونان عام 1983م لينسب الفضل إلي أصحاب الفضل ويعتبر ابن النفيس هو الذي اكتشف الدورة الدموية الصغري وليؤكد أنه سبق وصف الدورة الدموية في أوروبا بحوالي ثلاثة قرون.
أم النقطة التي يجب ان نتوقف عندها طويلآ أن الإكتشاف العلمي مهم للغاية ونسبته لأصحابه هي حجر الزاوية , إلا أن الإستمرار في العمل العلمي ومتابعة البحث هو الأمر الأكثر أهمية.
لماذا توقف الأمر في العالم العربي والإسلامي علي متابعة العلم بينما بزغ فجر العلوم الطبية في أوروبا؟؟, لماذا كان إكتشاف الدزرة الدموية الصغري نهاية عصر أن لم ييكن نهاية حضارة بأكملها في العالم العربي والإسلامي وبداية حضارة في أوروبا؟.
إن الإستمرار علي الدرب والوصول بالبحث إلي نهاياته كان هذا الطريق الذي إتخذته أوروبا النهضة ثم أوروبا الحضارة, بينما تقاعس عنه الذين إكتشفوه وسرنا نتغني علي الأطلال حتي دخلت علينا عصور التعتيم والظلام بينما كان كوبرنيكوس وجاليلو ونيوتن وهارفي وغيرهم يقودون فجر الحضارة في أوروبا..
أليس من أنار الدنيا علمآ وتقدمآ وعمارة أولي بحمل لواء النهضة والحضارة؟؟؟.